و أنا أقف بعيداً شاهدته .... يسير وحيداً غير مكترث هذه المرة يسمع تلك الموسيقى و التى تحلو عند سماعها فى الفضاء تتردد .... وضع غطاء التيشيرت فوق رأسه ينظر فى وجوه الناس فإذا وجدهم منتبهين له لم يعرف أين ينظر خجله يقتله ... فلم يجد حلاً إلا النظر لمعشوقته السماء .... كم كانت رائعة زرقتها تثير فى نفسه البهجة ؛ و بينما هو فى هيامه بها ذلك الهيام الذى لا ينتهى أبداً لم يأخذه إلا شئ قذفه بعيداً أحس بارتفاع و طيران جسده فوق الأرض لمسافة ليست بالقصيرة ... كم كان أحساسه و هو يشعر أنه يحلق فى الهواء و تتردد نغمات فى أذنيه استقر على الأرض و قد أصبح وجهه على الأسفلت وجهه ملطخاً بالدماء الآلام فى جميع جسده شروده منذ لحظات لازال يسيطر عليه فهو لا يستطيع حتى رفع وجهه كى يرى ما حدث مازال داخل غطاءه صامتاً ... يرفض لسانه التوجع رغم الآلام إلى أن أمسك بكتفه شخصاً ما و قال له " إنت كويس " لازالت الموسيقى تتردد فى أذنيه و هو يشعر أنه فى فيلم رفعه صاحب ذلك الصوت ليجدها فتاة فى نفس سنه تقريباً رأته و الدموع تنهمر من عينيها
قائلة " آسفة .. أرجوك سامحنى"
حاولت رفعه من الأرض و بعد معاناة أخيراً أركبته سيارتها كان يهدأ من روعها قادت سيارتها للمشفى و هى مضطربة النفس تبكى قالت له " ليه مخدتش بالك من الطريق " قالتها و هى تبكى أشد البكاء
"إنت كنت سرحان ؟؟؟"
قاطعها بصوت متألم و بثبات لم تتوقعه الفتاة " افتحى تليفونك و سجلى الكلام دة "
هى باستغراب " ايه " !!!
هو " سجلى كلامى بعد اذنك .. لبى طلبى الأخير "
هى " حاضر "
هو " أنا المخطئ .. تلك الفتاة لم ترتكب أى ذنب أنا من ظهرت أمامها فجأة"
هى فى حالة دهشة
هو "لا تحاسبو الفتاة و أخلو سبيلها "
ثم استطرد قائلاً
" أبى أمى أخوتى أعلم أنكم لم تحبونى و لم تقيمو حبى لكم كم كنت مقصراً فى حبكم لكنى كنت أعتقد أنكم تعرفون داخلى جيداً و لكنى صدمت أصدم بعباراتكم عنى و أحياناً التشكيك بى و كأنكم لا تعرفون ولدكم كثيرون يحبوننى و يعلمون أنى شخص جيد لكنكم لا تعلمون ذلك تظنونى مثل باقى الشباب ... تافه اتضح لى أنى كنت غريباً بين أهلى .. و انا اعترف لكم أنى السبب
أنتم من أحببتكم بصدق .. لكنى لم أستطع الفعل أنا أحبكم جداً
أبى .. طوال عمرى و انت قدوتى معجب بشخصيتك أبى
أمى .. سامحينى إن قصرت فى حقك لكنى و الله أحبك
أخوتى أعلم أنى كنت قاسياً معكم
سامحونى جميعكم و اطلبو لى الرحمة من الله
ثم قال للفتاة " انتى الآن فى أمان و لن يتعرض لكى أحد .. اتصلى بوالدى و أمى و أخبريهم
و اسمعيهم التسجيل و قولى لهم أنى لم أحب أحداً مثلهم "
كانت الفتاة تبكى
" قال لها لا تبكى .. أنتى فتاة يظهر عليكى الطيبة عيشى حياتك فى رضا الله كى تستمتعى بها
اتمنى لكى السعادة فى أيامك المقبلة لكن لدى طلب عندك من فضلك ادعى لى كلما تذكرتينى
أنا الآن فصاعدا ليس لدى عمل أما أنتى فحياتك أمامك استغليها و اعملى لرضا الله و الفوز بجنانه "
ثم نطق الشهادة و مات قبل أن يصل للمشفى
__________________________________________________ _______
كتبت تلك القصة و أنا أشعر أنها داخلنا جميعاً .. فلنعمل على إظهار حبنا لوالدينا قبل يوم الرحيل